lundi 27 février 2012

من هو المحجوب بن الصديق


من هو المحجوب بن الصديق؟

 توفي يوم الجمعة 17 شتنبر 2010 في مصحة بباريس المحجوب بن الصديق في سن يناهز 88 سنة. وكان المحجوب قد ظل امينا عاما للاتحاد المغربي للشغل منذ تاسيسه في 20 مارس  1955 الى يوم وفاته.

وعادة ما تنشر صحافة الإشفاق على البؤس العمالي بورتوريهات عن "الزعماء الخالدين " لنقاباتنا بالمغرب ،تحاول أن تبيض تاريخهم ،مموهة التاريخ للجيل الجديد من النقابيين ،ومحاولة من موقع الكفاح النقابي في نشر الحقائق التاريخية حول "القادة البيروقراطيين بنقابات المغرب "ننشر ترجمة الموقع لمقال حول المحجوب بن الصديق كتبه رونيه غاليسو  في كتاب سلسلة أعلام الحركة النقابية ، يظهر فيه دور المحجوب بن الصديق في ماوصلت إليه نقابة إمش من اصطفاف إلى جانب الملك  وحالة التفسخ التي وصلتها هذه النقابة العمالية والتي كان عدد منخرطيها أكثر من 560000 بطاقة سنة 1956. "كفاح نقابي    
................................................................................................................................
 ولد  يوم 20 فبراير 1922 بمكناس،  اشتغل عاملا بسكك الحديد ثم رئيس محطة قطار. جاء إلى العمل
النقابي (1946-1947) من حزب الاستقلال، كان الناطق الرسمي باسم الوطنيين بالاتحاد العام للنقابات المتحدة في المغرب المنضوي في الكونفدرالية العامة للشغل- -CGT، و عضوا باللجنة التنفيذية و بأمانة الاتحاد العام للنقابات المتحدة بالمغرب مند 1950. صار أمينا عاما لفدرالية عمال سكك الحديد في يونيو 1951 بعد أن كان عضوا في المكتب. اعتقل سنة 1951 ومن نوفمبر 1952 إلى سبتمبر 1954. و بالسجن، وفي صلة بالكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة- CISL - جرى تحضير مشروع اتحاد نقابي وطني سيصبح الاتحاد المغربي للشغل المؤسس يوم 20 مارس 1955. أمين عام الاتحاد المغربي للشغل، وأصبح زعيم العمل النقابي الوطني المغربي.
نشأ  المحجوب بن الصديق في أسرة برجوازية صغيرة حضرية ـ كان والده حرفيا ـ ما مكنه  من التسجيل بمدرسة أبناء الأعيان (تعليم ابتدائي)، وتابع سنة أولى دراسية بثانوية مكناس. حصل على شهادة الدروس الابتدائية (فرنسية). وأستكمل هذا الزاد المدرسي بتكوين ذاتي، لا سيما بقراءة الصحف العربية والفرنسية. و في سبتمبر 1938 اجتاز  بنجاح مباراة ولوج السكك الحديدية وأصبح عامل سكك، وعين رئيس محطة قطار بالقرب من سيدي قاسم التي كانت وقتذاك مركزا صغيرا لاستغلال البترول. و أصبح لاحقا رئيس محطة في بلدة  بناحية مكناس.
قام المحجوب بن الصديق، " الذي لم تكن لديه آنذاك روابط بالكونفدرالية العامة للشغل - CGT -  بتنشيط خلايا لحزب الاستقلال بين عمال سكك الحديد" (أطروحة فؤاد بن الصديق، المواقف السياسية للحركة النقابية في مغرب الاستعمار 1930-1956 مرجع مذكور صفحة 447). لفت نشاطه الدينامي انتباه قيادة حزب الاستقلال، وبشكل خاص قادته اليساريين الذين كانوا  يرتئون الارتكاز على العمل النقابي، أي كل من عبد الرحيم بوعبيد وعبد الله إبراهيم والمهدي بن بركة. في طور أول اقتدى هؤلاء بتجربة فرحات حشاد الذي قطع مع الكونفدرالية العامة للشغل  CGT من أجل خلق فدراليات نقابية مستقلة، ثم خلق الاتحاد العام التونسي للشغل. و في العام 1947 أطلق فرحات حشاد "نداء إلى عمال شمال أفريقيا" من أجل خلق "فدرالية نقابية لشمال أفريقيا".
وفق هذا الخط  المتحفظ، و المجادل بعنف، إزاء الشيوعيين الذين كانوا يقودون النقابات، نشر المحجوب بن الصديق مقالاته الأولى الموقعة باسم"عامل سكك الحديد الصغير" في الجريدة الأسبوعية الوطنية  المغاربي الفتي  Jeune Maghrébin (5 و13 ديسمبر1946 ويناير وفبراير ومارس 1947). أدان روابط الحماية بين إدارة سكك الحديد و  الكونفدرالية العامة للشغل CGT وبالتالي الشيوعيين، و أثار الانتباه  إلى تباين الأجور وتفاوت الوضع القانوني بين المغاربة والفرنسيين.  و هنا نقطة الهجوم على ما اسماه "العمل النقابي الاستعماري" في مقال مدو بجريدة حزب الاستقلال باللغة الفرنسية "رأي الشعب" بتاريخ 20 سبتمبر 1947. كان المقال عنوانا رئيسا للصفحة الأولى وبأحرف كبيرة: "العمل النقابي الوطني والعمل النقابي الاستعماري".  يعتبر المقال انه بوجه "النقابة الماركسية" التي هي الكونفدرالية العامة للشغل- CGT-، وبوجه  و النقابة المسيحية التي تمثلها الكونفدرالية الفرنسية للعمال المسيحيين- CFTC - ثمة حاجة إلى "نقابة إسلامية". و مدفوعا  قٌدما من يسار حزب الاستقلال، برز المحجوب بن الصديق إذن بطلا للعمل النقابي المغربي ضد الشيوعيين. كان يلاحظ أن "العمل النقابي المغربي لم ير النور بعد،  بالأقل رسميا..." لأن " النزعة الأبوية" لدى "النقابات الأجنبية المعترف بها والمعتمدة" أي نقابات  الكونفدرالية العامة للشغل CGT و نقابات"الحزب الذي يدعمه"، "تزيف عملها النقابي وتجعله مقيتا". وقع رئيس محطة القطار هذا المقال بالزوفري «l'ouvrier »  كلمة بدلالة  مشينة وحتى قدحية في اللغة العامية المغربية. طبعا ردت أسبوعية الاتحاد العام للعمل L'Action syndicale  [العمل النقابي] ( عدد 1 أكتوبر 7 194) على تلك الهجمات (مقال مامون العلوي، نقابي شيوعي في البريد بعنوان "النزعة الاستعمارية للاتحاد العام للعمل؟  ترهات استعمارية").
كان المحجوب بن الصديق  يتبنى الموقف الوطني التقليدي الرافض لأولية الصراع الطبقي، ويتحدث عن الاتحاد والوحدة الوطنية و يخضع كل العمل للنضال الوطني:"يجب على العامل أن يناضل ليس ضد طبقة، بل ضد الامبريالية وخدامها" أو كذلك " يجب على العمل النقابي أن يكون في خدمة الأمة" ( جريدة رأي الشعب، 18 أكتوبر 1947). حينئذ كلف المهدي بنبركة المحجوب بن الصديق بتنظيم مدرسة تكوين نقابي في الدار البيضاء، لكن المحاولة فشلت.
 لقد استخلصت قيادة الاستقلال دروس إضراب عمال السكك في مارس 1948 الذي أدى إلى أهم حركة إضراب في تاريخ المغرب المستعمر، و حقق زيادات في الأجور للجميع بنسب بلغت 50 في المائة من الأجر الأدنى، وانتزع من السلطات الفرنسية تجديد الوعد ب"حق العمل النقابي بلا قيود"، أي معترف به للمغاربة. كان هؤلاء أعضاء بالكونفدرالية العامة للشغل –الاتحاد العام للنقابات بالمغرب CGT-UGSM يمثلون أربعة أخماس المنخرطين فيما كان الموظفون الفرنسيون يفضلون غالبا نقابات القوة العمالية المرتبطة ب "الوطن الفرنسي". و بحفز من يساره "النقابي"، أو بالأحرى المهدي بن بركة، قرر حزب الاستقلال آنذاك ممارسة الدخولية في الكونفدرالية العامة للشغل. وأصبح المحجوب بن الصديق رأس حربة هذا التوجه الاستقلالي.
في الحقبة ذاتها بدأ  النقابيون الشيوعيون المهيمنون في الاتحاد العام لنقابات المغرب- UGSM - التوجه صوب تحويل هذا الاتحاد إلى "اتحاد نقابي مغربي". مع أن انضمامهم كان مسموحا به، فإن ظهير 24 يونيو 1938 الذي كان يمنع المغاربة من العمل النقابي  لم يلغ سوى في 20 يونيو 1950، و بلا  إشهار فضلا عن ذلك. كما  ُشرع، في 1948-49 ، في طور مديد من إعداد نص جديد حول الحق النقابي، وكانت المسالة العالقة تخص عدم الميز في قيادة النقابات بالنظر إلى أن المغاربة كانوا قد أصبحوا أغلبية واسعة: إما  قاعدة النسبية أو الحصة أو التكافؤ بتخصيص النصف للفرنسيين، وهو ما يمثل مواصلة تضييق مكانة المغاربة. حسم الحزب الشيوعي المغربي لصالح هذا التوزيع المتكافئ ، لكن المتفاوت، ضاغطا على الإقامة العامة في هذا الاتجاه .
 وعلى العكس، طالب المحجوب بن الصديق وحزب الاستقلال بالحق النقابي للمغاربة "بلا قيود". و في هذا السياق يجب تفسير الدور الذي اضطلع به المحجوب بن الصديق في الوفد النقابي الذي أُستقبل بقصر فاس يوم 29 أبريل 1949.  حصل نقابيو حزب الاستقلال، بتوصية من المهدي بن بركة ، على تعهد السلطان الذي أعلن موافقته على الحق النقابي لـ"جميع رعاياي".  ودعم السلطان، في تعارض مع مشاريع الإقامة العامة التي كانت تبقي قيودا،  مشروع ظهير "يضمن للعمال المغاربة الحقوق كاملة و بلا قيود". كانت تلك بداية تفاهم، وحتى ميثاق، بين السلطان والزعيم النقابي الشاب المتحدث باسم العمال المغاربة (كان عمر المحجوب وقتذاك 26 سنة).
كان فاتح مايو 1949 ، أكثر مما سبق،فرصة الاتحاد العام لنقابات المغرب - l'UGSM - لإبراز حجم  المغاربة في النقابة، ودفع المؤتمر المنعقد بمكناس في الأيام التالية نقابيين مغاربة إلى وظائف قيادية، مع مرافقتهم بمسئولين شيوعيين "أوروبيين". على هذا النحو دخل المحجوب بن الصديق إلى مكتب فدرالية عمال سكك الحديد. وانتخب، بعد أن كان عضوا باللجنة التنفيذية، إلى مكتب الاتحاد العام لنقابات المغرب - l'UGSM - لما قرر المؤتمر في نوفمبر 1950 وضع أنظمة اتحاد نقابي مغربي وتوزيع  مناصب المسؤولية النقابية مناصفة بين الوطنيين والشيوعيين. وأصبح الطيب بن بوعزة أمينا عاما بالنيابة للاتحاد إلى جانب الشيوعي اندريه لوروا André Leroy. و في هذا المؤتمر تمكن الاستقلاليون من تمرير تعديل في البرنامج النقابي يطالب بإنهاء الحماية.
لم يبرز المحجوب بن الصديق، في النقاشات والاجتماعات حول تشكيل اتحاد نقابي مغربي ، ناطقا رسميا، شديد العدوانية، باسم التيار الوطني وحسب، بل مكلفا بالالتفاف على المواقع الشيوعية، و ذهب باحثا عن دعم من الاشتراكيين الفرنسيين بالمغرب، حتى لدى أشدهم معارضة للحركة الوطنية المغربية، والذين، فضلا عن ذلك، انضموا إلى نقابة القوة العمالية Force ouvrière ، ربما هل كان ذلك منفذا نحو الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة الموالية للحركة النقابية الأمريكية، والتي انتمى إليها العمل النقابي الاشتراكي؛ و الاشتراكي الديمقراطي أو العمالوي travailliste ؟
التقى المحجوب بن الصديق في مارس 1951 بتونس، حيت كان يشارك في مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل l'UGTT، بوفد الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة. وعاد إلى الظهور مشروع انضمام اتحاد نقابي مغربي. ارتكز المحجوب بن الصديق في المغرب على فدرالية عمال سكك الحديد التي انتخبته إلى أمانتها العامة في مؤتمر أيام 3 و4 و5 يونيو 1951، لكن القرار النهائي المطابق لخط  الاتحاد العام لنقابات المغرب – الكونفدرالية العامة للشغل l'UGSM-¬CGT المنتمي للفدرالية العالمية للنقابات ذات التوجه الشيوعي السوفيتي، و "الذي صودق عليه بحماس منقطع النظير"، اختتم مع ذلك بشعار " عاشت الكونفدرالية العامة للشغل CGT ، عاشت الكونفدرالية العالمية للنقابات - FSM – عاش الاتحاد النقابي المغربي  المقبل." كان الرهان قائما  بين الكونفدرالية العامة للنقابات و الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة.
 بعد أن اصبح المحجوب بن الصديق زعيم العمل النقابي الاستقلالي، حظي ببعد وطني في حملة التجمعات الجماهيرية صيف 1951 المطالبة بإنهاء الحماية. جعلت هذه الحملة تماثله بالحركة الوطنية المماثلة مع حزب الاستقلال. و اشتد القمع أكثر لما خلف الجنرال غيوم   Guillaume الجنرال جوان Juin في الإقامة العامة. اعتقل المحجوب  بن الصديق يوم 5 نوفمبر 1951 و ُحكم عليه بسنتي سجن نافذ، جرى خفضها في الاستئناف إلى سنة واحدة. و اُطلق سراحه أسابيع قليلة قبل اغتيال فرحات حشاد في تونس، واعتقل مجددا يوم 8 ديسمبر على إثر الإضراب الذي دعا إليه الجناح الاستقلالي في الاتحاد العام لنقابات المغرب، و المظاهرات المقموعة بشكل مرعب بالدار البيضاء. و تعرض في بداية احتجازه لسوء معاملة، من ضرب وتعذيب، مع 13 قياديا نقابيا مغربيا آخرين، وبقي 22 شهرا بالحبس، في القنيطرة بوجه خاص، في فترة خلع السلطان(20 غشت 1953).
لكن الصلات بالخارج باتت ممكنة بفضل نشاط لجنة فرنساـ المنطقة المغاربية بفرنسا، وبعد زيارة لجنة برلمانية فرنسية  للقنيطرة، كان من أعضائها الاشتراكي روبير فيردييه - Robert Verdier -الذي كتب تقريرا إلى المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي SFIO [الفرع الفرنسي للاممية العمالية] . وقام المحامي جورج ايزار Me Georges Izard بتامين التواصل مع مكتب العمل الدولي - BIT - في جنيف ومع قادة الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة  في بروكسيل. و حرر المحجوب بن الصديق بطلب من هذا المحامي على دفتر مدرسي، أو ربما فقط قام بنسخ، مذكرة من زهاء 50 صفحة موجهة إلى  الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة بعنوان: " تقدم الحركة النقابية المغربية "، تلقت الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة النص في بروكسيل بداية مايو 1954.  وقام روبير بارات - Robert Barrat - بنشر مقاطع منها بالعدد الثاني من النشرة الإخبارية للجنة فرنساـ المنطقة المغاربية، شهر أبريل 1954 والنص الكامل في مؤلفه "العدالة للمغرب".
 كان المحجوب بن الصديق يرد عن نفسه كل "تواطؤ مع الشيوعية" لاسيما أن "النقابيين المغاربة من التيار الاستقلالي يخوضون صراعا بلا هوادة ضد تأثير الشيوعية الكاسح". وكان يستنكر وصاية الكونفدرالية العامة للشغل ويعلن "نهاية حقبة العمل النقابي غير المسيس"، ومن ثمة انضمام الحركة النقابية المغربية إلى "الحركة النقابية الحرة"، والعمل على التوازي،"توازي الهدف"، مع حزب الاستقلال. "إن وحدة المصلحة والخصم (...) قد أملت وحدة العمل (...) بحيث تعمل كل منظمة في إطارها الخاص.".( يبرر فؤاد بن الصديق، في أطروحته المنوه بها آنفا-  صفحة 727، نبرة معاداة الشيوعية تلك بالشروط الظرفية،  لكن أيضا بكون بن الصديق تحركه بشغف " أيديولوجيته الوطنية المعززة بإيمان ديني محتدم ". 
طالبت اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة (24-29 مايو 1954 في بروكسيل) بإطلاق سراح النقابيين المغاربة و طالبت، مستندة على مذكرة" تقدم الحركة النقابية المغربية "، بحق تشكيل اتحاد نقابي مغربي. وجرى استقبال أولدنبروك - Oldenbroek - أمين عام الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة في بروكسيل يوم 3 غشت 1954 من طرف رئيس المجلس الفرنسي بيار مانديس فرانس- Pierre Mendès-France.- . و يوم 28 سبتمبر 1954 أصدرت المحكمة العسكرية الفرنسية قرار تبرئة كل الموقوفين سنة 1952، و أخلي سبيل النقابيين المغاربة، لكن ما زالت عودة السلطان منتظرة.
يوم 5 يناير وجهت "اللجنة من أجل بناء وتطوير العمل النقابي الحر بالمغرب" نداء داعيا إلى خلق اتحاد نقابي مغربي، مستبقا مشروع الكونفدرالية العامة للشغلCGT   القاضي بتحويل الاتحاد العام لنقابات المغرب إلى اتحاد نقابي مغربي منضو تحت لواء الكونفدرالية العالمية للنقابات. حصل المحجوب بن الصديق على دعم قادة الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة الذين التقاهم بباريس في مؤتمر نقابة "القوة العمالية" FO في نوفمبر 1954 ثم في بروكسيل. و عاد إلى المغرب يوم 9 يناير 1955 بينما كان الطيب بن بوعزة قد قام بتجميع النقابيين المغاربة. استقبل  المقيم العام موريس بابون - Maurice Papon - ، الموظف السابق لدى فيشي - Vichy - والمحافظ السابق في الجزائر قبل أن يصبح محافظ شرطة باريس، أعضاء اللجنة التحضيرية يوم 11 يناير، الحاصلين والحالة تلك على ضوء أخضر من السلطات الفرنسية. كان الأمر "اتفاقا ضمنيا" لأن الحق  النقابي لن يُعترف به "للرعايا المغاربة" سوى بصدور ظهير 12 سبتمبر 1955، في الفترة الانتقالية قبل تشكيل أول حكومة للمغرب المستقل.
 بعد السماح له، أخيرا، أقام وفد من الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة  بالمغرب من 7 إلى 11 مارس. و انعقد الاجتماع الحاسم يوم 11 مارس بمنزل المهدي بن بركة بحضور عمر بيكو Omar Becu رئيس الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة بالمغرب وأمينها العام اولدنبروك  J-H. Oldenbroek اللذين تمكنا من إخضاع ممثلي القوة العمالية الحاضرين كذلك، وكان  رجلهم هو المحجوب بن الصديق.
 ويوم 20 مارس 1955، انعقد في منزل الطيب بن بوعزة، بدرب بوشنتوف بالدار البيضاء، اجتماع زهاء 40 نقابيا مغربيا يمثلون قرابة 20 اتحادا محليا، من الدار البيضاء بشكل خاص لكن أيضا من الرباط وسلا وأسفي والقنيطرة ومكناس، وهو الاجتماع الذي أعلن تأسيس الاتحاد المغربي للشغل. وضع هذا الجمع المحدود وشبه السري تشكيلة أول لجنة تنفيذية واختار الطيب بن بوعزة أمينا عاما. لكن البلاغ "النهائي"ـ الذي كان المحجوب بن الصديق بعثه  إلى لصحافة، و ُنشر يوم 21 مارس ـ أعلن المحجوب بن الصديق أمينا عاما والطيب بن بوعزة نائبا له، أمر قبله  هذا الأخير بعد رفع شكوى إلى اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ثم لمجلس المقاومة تحت مسؤولية محمد بصري، الذي حسم الأمر. كان المحجوب بن الصديق شديد الارتباط باليسار الاستقلالي في تلك الفترة، ارتباط بكل من المهدي بن بركة وعبد الله إبراهيم، في حين كان تكوين الطيب بن بوعزة  جرى بأكمله في الكونفدرالية العامة للشغل.
 بعد الاعتراف للمغاربة بالحق النقابي والتحاق الشيوعيين،كرها او طوعا، بالاتحاد المغربي للشغل، بعد محاولتهم حينئذ تشكيل اتحاد نقابي مغربي على حدة، كان اكبر مؤتمر للاتحاد المغربي للشغل هو مؤتمر يومي 24 و 25 ديسمبر 1955. كان بالاتحاد المغربي لشغل آنذاك 180000 عضو، ووزع أكثر من 560000 بطاقة سنة 1956، وأخذ مكانه  في الهيئات الاجتماعية وبورصات العمل، ثم في التعاونيات والتعاضديات، منها تعاضدية التعليم، محتكرا تمثيلي عالم الشغل.  و عمم ظهير 17 يونيو 1957 الحق النقابي على جميع المهن ما عدا أفراد الأمن والجيش،  ونص، انتقاما من الحماية، على شرط الجنسية المغربية في مناصب القيادة. و أصبح المحجوب بن الصديق "الزعيم" الأعلى للاتحاد العمالي و للكيان العمالي. وفي العام 1996(تاريخ كتابة هذا النص) لا يزال أمينا عاما للاتحاد المغربي للشغل.
 بعد الاستقلال تماثل مصير المحجوب بن الصديق مع تاريخ العمل النقابي المغربي، الذي هو أيضا تاريخ تبقرطه ونهاية النقابة الوحيدة. ورافق الانقسام إلى عدة نقابات انشقاقات حزب الاستقلال الذي تطور بصفته حزب الحركة الوطنية الوحيد. ومع ذلك، ظل نموذج المركزية الشيوعية،  القائم على الثنائي الحزب -النقابة، القائد للمنظمات المسماة جماهيرية، يحكم  نمط اشتغال الاتحاد المغربي للشغل، وقاد إلى شخصنة شديدة، وحتى حصرية، حول المحجوب بن الصديق. خلق الاتحاد المغربي للشغل، منذ 1957، منظمة الشباب الخاص به، الشبيبة العاملة المغربية، ودخلت لاحقا في تنافس مع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، لأن العمل النقابي الطلابي أفلت منها. و سنت حكومة عبد الله إبراهيم، من ديسمبر 1958 حتى مايو 1960، سياسة اجتماعية كان الاتحاد المغربي للشغل شريكها المؤسسي.كما شهدت الفترة لحظة انشقاق حزب الاستقلال ببروز الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الحزب الذي دافع الاتحاد المغربي للشغل داخله على خط مستقل معتدل ومهدئ للإضرابات خلف عبد الله إبراهيم. و ظل هذا التحالف بين الاتحاد المغربي للشغل للمحجوب بن الصديق والتيار المسمى عماليا أو "مجموعة الدار البيضاء" مستديما. 
 رد حزب الاستقلال على الانشقاق بتأسيس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب في مارس 1960، هذه النقابة التي انغرست بشكل ثانوي بالوظيفة العمومية وبين المدرسين ، بينما لزم الاتحاد المغربي للشغل، الذي حافظ على قاعدة مأجورين عمالا ومستخدمين، مسافة ُبعد إزاء اختيارات اشتراكية وطنية جذرية،خ اصة ببن بركة الذي كان يدافع على "اختيار ثوري"(1962) متهما الاتحاد النقابي بالامتثالية المؤسسية. وتواصل تحالف  الاتحاد المغربي للشغل- المحجوب بن الصديق مع تيار عبد الله إبراهيم متمثلا في استمرار الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بعد تشكيل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1972. كان ذلك النزوع إلى الاستقلالية بفعل المنافسة يخلي المكان لهروب إلى الأمام مثل حملة "مناهضة الصهيونية" خلال حرب 6 يونيو 1967، التي كلفت المحجوب بن الصديق السجن  18 شهرا. هذا مع  أن شقيقه عبد الرحمان بن الصديق ـ القائد للمكتب النقابي للمكتب الشريف للفسفاط بخريبكةـ هو مطلق النصوص المنددة بـ "للتأثير الصهيوني على مراكز القرار الأساسية لسلطة الدولة " عبر حضور مهندسين وأطر "يهود". بعد مغادرة السجن، وإعادة الوصل مع القصر، استعاد المحجوب بن الصديق مكانته على رأس الاتحاد المغربي للشغل. لكن هذا الأخير صار مذاك فصاعدا عرضة لمزاحمة أشد متمثلة في خلق اتحاد نقابي جديد في نوفمبر 1978 قريب من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، التي كان زعيمها الشاب، الذي اتهم الاتحاد المغربي للشغل ب"الطفيلية" وب"الجهاز النقابي الفاسد" هو محمد نوبير الاموي. وأصبحت حركية هذا الأخير الفائرة تضع في الظل بطريرك الاتحاد المغربي للشغل المحجوب بن الصديق

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire